أصدر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية، اليوم السبت،
نجيب ميقاتي قراراً بتكليف المدير العام للأمن العام، "اللواء عباس
ابراهيم" بمتابعة موضوع إعادة السوريين.
وجاء في القرار: "أن اللواء عباس تكلف بمتابعة موضوع النازحين السوريين لتأمين
عودة طوعية وآمنة لهم ، وللتواصل في هذا الخصوص مع الجهات السورية المعنية،
والاستعانة بما يراه مناسباً من الإدارات والمؤسسات العامة، وهيئات المجتمع
المدني، في سبيل إنفاذ المهمة المطلوبة منه".
ويشغل إبراهيم منصب مدير عام "المديرية العامة للأمن
العام اللبناني" منذ 2011، بعد أن كان نائباً لمديرالمخابرات اللبنانية، وهذه
هي المرة الأولى التي يتكلف بها إبراهيم ملف السوريين في لبنان، والقضية التي
تحاول إثارتها الحكومة بمسألة ما تسميه
العودة الطوعية.
لبنان يعتمد على رجل
الأمن الأنجح فمن هو
عباس كاظم إبراهيم شيعي ولد في 2 آذار عام 1959 في بلدة
كوثرية السياد، قضاء صيدا في جنوب لبنان، حاصل على درجة بكالوريوس في العلوم
العسكرية، وبكالوريوس العلوم في إدارة الأعمال.
يلقبه اللبنانيون برجل "المهمات الصعبة" هو
واحد من أهم الضباط اللبنانيين، شارك في العديد من الدورات التدريبية
المحلية والخارجية خلال مسيرته، كان أهمها دورة مشاة في الولايات المتحدة في
العام 1989، كما تلقى تدريبًا أمنيًا متقدمًا في المملكة المتحدة عام 1998،
حتى وصل به المطاف لرتبة لواء.
وفي العام 1989، أصبح إبراهيم الحارس الشخصي لمبعوث جامعة
الدول العربية إلى لبنان الأخضر الإبراهيمي، ثم تم تعيينه حارسًا شخصيًّا للرئيس
الياس الهراوي حتى عام 1992، عندما كُلف بحماية رئيس الوزراء المعين حديثاً رفيق
الحريري، وفي العام 1994تم تعيينه رئيسًا لقسم مكافحة الإرهاب والتجسس في مديرية
المخابرات.
إبراهيم له علاقات واسعة في لبنان حتى مع الخصوم،
ويتمتع بعلاقات ممتازة مع العديد من الأحزاب الرئيسة في لبنان، وله علاقات جيدة في
المنطقة العربية وأدوار أبرزته اقليمياً.
كان قد حل عدة مشاكل محلية هامة في
لبنان، من أهمها مسألة الإفراج عن التشكيلة الحكومية، فعندما أخفقت كل المساعي في
الإفراج عن التشكيلة استنجد رئيس الجمهورية باللواء عباس لإنجاز تسوية بين
الأطراف المتنازعة، وإنقاذ الجمهورية من السقوط، ونجح بذلك، كما نجح في نسج علاقات
مع كل المكونات الفلسطينية داخل مخيم عين الحلوة، بمن فيهم الاسلاميون الذين كان
محظوراً التعاطي والتواصل معهم في حينه، ما كان له أثر هام على الأمن اللبناني.
ومنذ عام 2011 كان يردد اسمه في عمليات التنسيق الأمني والاستخباراتي ما بين النظام السوري وواشنطن من جهة، وبين النظام السوري ودول عربية في المنطقة، وكان له دوراً في عدة صفقات إفراج عن محتجزين بين الأطراف المتصارعة في المنطقة.
محاولات لبنانية مستمرة ورفض دولي
خلال الفترة الأخيرة توالت دعوات المسؤولين اللبنانيين
إلى الإعادة القسرية للاجئين السوريين إلى مناطق في بلادهم، يعتبرونها آمنة،
واتهموهم بالتغلب على البنية التحتية المتداعية بالفعل في البلاد، وحملوهم تأثير
ثقل اقتصادي في ظل ما يعانيه لبنان في أزمته الاقتصادية.
وتسعى حكومة ميقاتي منذ أشهر لتنفيذ ملف ترحيل السوريين،
كان آخرها محاولاتها رسالة وجهها رئيس الحكومة ميقاتي يوم الخميس الفائت إلى الأمين العام للأمم المتحدة،
"أنطونيو غوتيريس" حذر فيها من خروج أزمة النزوح السوري عن السيطرة في
ظل الوضع الصعب في لبنان، وأشار إلى أن الوضع الصعب الذي يواجهه لبنان يقتضي
مقاربة مختلفة نوعياً في التعاطي مع أزمة النزوح السوري قبل أن تتفاقم الأوضاع
بشكل يخرج عن السيطرة.
وأوضح فيها أن لبنان يعاني منذ ثلاث سنوات واحدة من أشد
وأقسى الأزمات الاقتصادية والمالية منذ منتصف القرن التاسع عشر، يعيش بسببها أكثر
من 80 بالمائة من اللبنانيين تحت خط الفقر.
فيما تقدر تكلفة تداعيات أزمة النزوح السوري على الاقتصاد
اللبناني بأكثر من ثلاثة مليارات دولار سنويا، ويشكل اللاجئون السوريون مع
اللاجئين الفلسطينيين نصف عدد اللبنانيين أو ما يقارب مليوني نسمة.
وأظهر ميقاتي في رسالته تخوفاً من نشوء توترات
وردود فعل خطيرة تنعكس سلباً على أمن النازحين أنفسهم وعلى استقرار المجتمعات
المضيفة، خصوصاً أن نسبة الولادات السورية فاقت اللبنانية، على حسب تعبيره.
ونوه إلى تزايد ظاهرة زوارق الهجرة غير
الشرعية إلى أوروبا بالرغم من تشدد السلطات اللبنانية، ورأى أنه لا يمكن الطلب من
بلد يستضيف هذا العدد الكبير، ويتكبد هذه الخسائر أن يستمر بانتظار حلول سياسية لم
تظهر مؤشراتها مع بغياب كامل لدى المجتمع الدولي.
وحاول فيها تطمين الأمم المتحدة حيال
الوضع السوري، ذاكراً تراجع حدة العمليات العسكرية في العديد من المناطق،
مما يتيح فرصاً للعودة الآمنة، محذراً من أن الاستمرار في إقفال الباب أمام دراسة
أية فرصة لعودة متماشية مع القانون الدولي يزيد من تأزم الوضع في دول اللجوء، لا
سيما لبنان.
وطالب ميقاتي بتضامن دولي يتناسب مع حجم الأعباء مشيراً لغياب التضامن الدولي، وحث غوتيريس على القيام بدور قيادي في إطلاق مسار وحوار نوعي، للتعامل مع قضايا النزوح ضمن خارطة طريق واقعية لمعالجة أزمة النزوح السوري.
وبهذا الصدد يذكر
أن وزير المهجرين في الحكومة، عصام شرف الدين، منذ حوالي شهرين، كان قد كشف
عن خطة تستهدف إعادة 15 ألف سوري شهرياً إلى مناطق سيطرة نظام الأسد، تحدث بإصرار
على الاعلام اللبناني لتنفيذها، وحاول "شرف الدين" ملياً إقناع جميع
المعنيين في الدولة اللبنانية بخطته، إلا أنه لم يلق إجماعاً داخلياً قبل أن يلق
توافقاً خارجياً.
يقيم حوالي مليون لاجئ سوري في لبنان، يعيش معظمهم في تحت خط الفقر، وتقول
منظمات حقوق الإنسان والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن الظروف
ليست آمنة لكثير من الناس للعودة.
وقالت منظمتا هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، في
تقارير سابقة، إنهما وثقتا حالات اعتقال تعسفي وتعذيب ومجموعة من انتهاكات حقوق الإنسان،
كان قد مارسها النظام السوري وجنوده بحق العائدين للبلاد.
وترفض الحكومة اللبنانية هذه المخاوف وهذه الإدعاءت،
وتؤكد أنها تنسق مع نظام الأسد بشكل دائم ، بشأن خطة يمكن أن تتم لإعادة ما يصل
إلى 15 ألف لاجئ إلى البلاد كل شهر، حتى إعادة كامل اللاجئين السوريين في لبنان.