مع نهاية كل عام تعود إلى الواجهة معاناة المدنيين النازحين شمال غرب سوريا، معاناة تتجدد كل عام مع دخول فصل الشتاء والبرد، وانتشار العدوى والأمراض وعجز المنظمات الإنسانية والمشافي عن وضع حلول تلبي المتطلبات.
" التهاب القصبات" أو ما يعرف بنزلات الصدر أو " خشّة الصّدر" كما تسمى في العاميّة، انتشر بشكل كبير جداً في مناطق الشمال السوري، ولاسيما في مناطق المخيمات على الحدود السورية التركية، وهناك إصابات بأعداد كبيرة.
وفي حديث خاص لموقع " المركز الصحفي السوري" قال الطبيب عبد الباسط السليمان" أخصّائي بأمراض الأطفال وحديثي الولادة:
مرض التهاب الصدر أو التهاب القصبات مرض سريع الانتشار، وأكثر ما يصيب الأطفال من عمر ستة أشهر وحتى سنتين، وسببه فيروس يسمى" RSV" ويحدث بآلية التهابية ضرراً بالقصيبات الصغيرة، مما يزيد الإفرازات داخل القصبات مسبّباً ضيقاً في التنفّس وسماع صوت مميز عند شهيق وزفير الأطفال.
وفي حديث عن سبب المرض و الأعراض والعلاج، قال "السليمان":
الازدحام الشديد والاختلاط وعدم وجود أماكن سكن صحية ونظيفة والبرد الشديد وسوء التغذية من ضمن الأسباب التي تؤدي إلى المرض.
الأعراض السريرية لهذا المرض هي السعال وسيلان بالأنف وضيق بالتنفس وارتفاع حرارة الجسم، وصعوبة في الرضاعة وفي الحالات الشديدة تصبح هناك ضائقة تنفسية وزرقة بالجسم تستدعي الاستشفاء وتحتاج إلى الأكسجين والعناية المركزة.
أمّا عن سبل العلاج قال السليمان:
القطرات بالأنف وخافضات الحرارة و مسكنات الألم و جلسات الارزاز المتكررة، وبالنسبة للحالات المستعصية تكون الرعاية الخاصة في المشافي والأكسجين والسيرومات وبعض الأدوية مناسبة.
بسبب الأعداد الكبيرة من الأطفال المصابين، وبسبب ضعف الإمكانيات تعجز المنظمات الطبية والمشافي، عن استيعاب أعداد المصابين المتزايدة، وتعجز المشافي أيضاً عن تأمين الأسرّة والأكسجين، مما يزيد من انتشار المرض، ويفاقم عدد الحالات.
وبحسب منظمة " منسقو الاستجابة" فإن عدد المخيمات الإجمالي شمال سوريا بلغ
1633 مخيم، يقطنها مليون وثمانمائة وأحد عشر وخمسمائة وثمانية وسبعين نسمة، ومن بينها خمسمئة وأربعة عشر مخيماً عشوائياً.
تعتبر منطقة المخيمات على الحدود السورية التركية شمال سوريا، من أكثر الأماكن ازدحاماً، حيث تتواجد مئات آلاف الأسر، وتسكن في خيم قماشية، تفتقر إلى أدنى معايير الصحة، مع غياب كبير لخدمات المرافق الصّحية.
عبء جديد يضاف إلى أعباء كثيرة تلقي بظلالها على كاهل السوريين، يضاف إلى ذلك الواقع الاقتصادي المتردي، مع ارتفاع أسعار الأدوية والمواد الاستهلاكية التموينية، وانتشار البطالة والفقر، وعدم وجود فرص عمل، وضياع أي أفق للحل في سوريا.
ومع قلّة الإمكانيات والدّعم، وتخفيض الأمم المتحدة لكمية المساعدات والدعم المقدم للشمال السوري، هل تستطيع المنظمات الإنسانية والطبية الحدّ من هذه الأمراض وانتشارها؟